٩ أشهر حمل…. والبقية تأتى!
٩ أشهر حمل…. والبقية تأتى!
من أرشيفنا: يناير ٢٠٠٢
كثير من الأحداث مرت بى خلال ال ١٥ شهر الماضيين، حقيقة شىء لا يصدق. بإمكانك الاستعداد مقدماً كما شئت، اقرأ جميع أنواع الكتب والمقالات، ابحث على الإنترنيت للحصول على معلومات، خذ نصائح بعدد شعر رأسك من الآباء والجدود والأصدقاء، ولكن صدقنى، بمجرد أن يولد طفلك يتغير كل شىء وأنا أقصد هذه الكلمة “كل شىء”.
أولاً، لدى بعض النصائح للذين على وشك أن يصبحوا آباءً. على افتراض أنك تود المشاركة فى كل شىء منذ البداية (وأنا أنصح جداً بذلك)، يجب أن تدرك أنك ستمر أنت بنفسك بكل ما يخص عملية الحمل والولادة. احتباس الماء، زيادة الوزن، التقلبات النفسية، الضغط النفسى، هذا إلى جانب الإجهاد والآلام الجسدية (ودعنى لا أذكر الناحية المادية). بالمناسبة أنا أتحدث عنا نحن أيها الأزواج! كل هذا مجرد التحضير لوصول سموه، المولود طبعاً. المشكلة أن زوجتك سوف تعانى من نفس المشاكل، وعليك بالطبع أن تنسى نفسك وتلتفت إليها. الحل هو أن تخفف من العوامل المحيطة بها، حتى تستطيع هى التركيز على التطور الذى يحدث بداخلها. هذه التجربة فى الحقيقة معجزة لا نستطيع تقديرها كما يجب إلا بعد المرور بها. لكن، احرص على ألا يزيد وزنك أكثر من زوجتك، لأنه بينما تفقد هى عند الولادة حوالى خمسة كيلو جرامات، ستضطر أنت لزيارة ال “جيم” لمدة شهر لكى تستطيع التخلص من ذلك الوزن الزتئد.
كن جاهزاً لمواساة زوجتك وتدليلها، كما يجب أن تكون متفهماً ومستعداً لمساندتها. لقد التزمنا أنا وزوجتى بدروس التحضير للولادة لمدة شهرين. فى الواقع، كانت تلك الفصول خاصة بالحوامل، ولكن كا نوجد يوم مخصص للآباء من أجل إعطائهم التفاصيل والنصائح التى تساعدك وتساعدها أثناء فترة المخاض. عندما وصلت زوجتى للشهر الثامن من الحمل، كانت جاهزة للانفجار! (بالمناسبة هذا كان تعبيرها هى.) كانت الساعات تبدو وكأنها تمر بطيئة، والأيام والليالى وكأنها لا تنتهى. قمنا بتجهيز الحقيبة الخاصة بالمولود والحقيبة الخاصة بزوجتى ووضعناها بجانب الباب قبل موعد الولادة المتوقع بأسبوعين فى انتظار اللحظة الحاسمة، ولكن تأتى تلك اللحظة دائماً عندما لا تتوقعها.
لقد كام ابننا هاشم متعاوناً فى كل شىء، فقبل أسبوع من موعد تشريفه المتوقع كانت خطوبة أختى. بالطبع كان لابد من حضور بعض الحفلات والمناسبات العائلية. بعد أربع ساعات بالتحديد من انتهاء كل المراسم والاحتفالات، قرر هاشم “كفاية يعنى كفاية، أنا عايز أخرج!” أسرعنا إلى المستشفى حيث لحسن حظنا استغرقت ولادته ساعتين ونصف. صوت الصراخ والاستغاثة اللذان بدءا مع أول دفعة للجنين ما زالا يرنان فى أذنى، لكن وجودى فى غرفة الولادة وقيامى بمساعدة الطبيب – حسناً، بإمساك يد زوجتى فقط – كانت ببساطة تجربة لا تصدق. إن رؤيتى لطفلى وهو يأخذ أول نفس فى حياته، وحملى لهذا الكائن الذى يزن 3.3 كيلو جرام جعل كل شىء آخر فى الحياة يبدو ضئيلاً. ها هو الآن، كائن صغير يعتمد علينا فى كل ما يخصه. هل سننجح؟ ماذا اوحدث شىء؟ حاولت معرفة رقم موبايل الدكتور، ولكنه رفض، وقال لى: :اهدأ، فلستما أول أو آخر أباء. كل شىء سيكون على ما يرام.”
“على ما يرام” كلمة نسبية وموضوعية إلى حد كبير. إذا كانت كلمة “على ما يرام” تعنى أنك لاتنام أكثر من 35 دقيقة فى المرة الواحدة، أو أنك ستكون مستيقظاً الساعة الرابعة والنصف صباحاً. أو إذا كانت تعنى أنك لن تتوقف عن تحضير الرضعات وتعقيم الببرونات وتغيير الحفاضات وتغيير ملابس الطفل والقيام بإعطائه حمامه (وهى مهمة حساسة للغاية) وإطعامه (الأمر الذى يبدو وكأنه لا ينتهى) وفى نفس الوقت رعاية زوجتك التى لا زالت تستعيد صحتها بعد أصعب تجربة فى حياتها، وفى نفس الوقت الترحيب بالأقارب والأصدقاء الذين يبدو وكأنهم قد عسكروا فى بيتك، وفى خضم كل هذا الذهاب لعملك والتحلى بمظهر العقلاء، إذا كان كل ما سبق مرادف لكلمة “على ما يرام”، أذن فكل شىء كان :على ما يرام”.
فى الحقيقة، إن الشهر الأول كان صعباً جداً. لا يزال الطفل مضطرباً مما قد حدث وأين هو الآن، وعندما تبدأ الأمور فى الاستقرار…..آآآآه! يبدأ فى الاستغاثة. ساعتين كاملتين من الألم والصراخ الهستيرى. من الواضح أنه يعانى مما هو معروف بالمغص، لكن هاشم غفر الله له، عانى منه لمدة 3 شهور كاملة. (يقولون أنه من علامات النشاط الزائد. حسنا، وهل هناك نشاط أكثر من ذلك؟) على حد معلوماتى، أنه مغص شديد لا تستطيع فعل شىء بخصوصة غير ثقب السجادة من كثرة المشى فةقها ذهاباً وإياباً حاملاً الطفل محاولاً تهدئته.
أخيراً، فى شهره الرابع تقريباَ تحسنت الأمور. بدأ هاشم يضحك، ويلعب ويتفاعل معنا. أول مرة أكل هاشم طعاماً غير اللبن كان حدثاً ممتعاً لكل الأسرة. أغلب الطعام وقع على ملابسه وعلى الأرض، ولكننا نجحنا فى وضع بعض الطعام فى فمه.
إن وجود طفل فى حياتك يغير منظورك للحياة بالكامل. تتغير أولوياتك. حياتك الاجتماعية أنت وزوجتك تختفى تماماً. يتوقف الأصدقاء عن الأتصال بكما، وتكتشف أنك لا تحتاج أكثر من 3 ساعات نوم فى الليلة. كل الأمور كانت تبدو مهمة للغاية، تصبح تافهة بينما تركز على طفلك.
اليوم هاشم (وهو معروف أيضاً ب”شومى”) فى شهره السادس. عندما أتأمل الفترة السابقة، أتعجب كيف مضت سريعاً، وننظر أنا وزوجتى للصور التى التقطناها خلال العام الماضى. كم هو مدهش كل ما حدث. الحمد لله على كل شىء.

حسن هو أب لولدين يستمتعان بالكتابة عن مغامراتهما أثناء تجوالهما في الحياة.
جميل