هاشم ومغامراته الجديدة
هاشم ومغامراته الجديدة
من أرشيفنا: نوفمبر ٢٠٠٢
كان هاشم يفكر فى قرارة نفسه: “ما هذا الشىء الغريب؟ إنى لا أكاد ألمسه حتى يتسرب من بين أصابعى، إنه يلتصق بشعرى ويبدو طعمه غريباً. إنى لا أكاد أخطو خطوةعليه حتى أقع، ولكنه مسلى جداً!” أنا متأكد أن هذا ما كان يدور بخاطر هاشم وهو يلعب فى الرمل لأول مرة فى حياته فى الصيف الماضى. بالرغم من أن عمره وقتها قد تجاوز السنة والنصف، إلا أنه كان يجري بمنتهى الشجاعة على الشاطىء محاولاً القفز فى البحر. لقد أحب هاشم البحر جداً وأكثر منه حمام السباحة، وبحلول نهاية الأجازة كان هاشم قد بدأ يسبح سباحة بسيطة بدائية. كان يعشق النزول فى حمام السباحة مع “ماما” و “بابا”، وقد أحب جداً حوض السباحة الصغير الذى وضعناه له . فى الحديقة. كان من الممكن أن يبقى هاشم ساعات طويلة “يبلبط”، وينط فى حمام السباحة، وينزل ويخرج من الماء. وكان ذلك تحت إشراف أحدنا، فكل منا يأخذ دوره فى الإشراف لمدة 15 دقيقة ثم نقوم بتبديل الورديات (بما فى ذلك جده وجدته اللذان كانت تمتد ساعات عملهما أكثر من ذلك).
إذا لم يكن هاشم فى حمام السباحة، كان يقوم بالتدريب على الكلمات الجديدة التى تعلمها مؤخراً، فيستمر فى تكرار نفس الشيء مرات ومرات. فى البداية قلت لنفسى “ياه! ما شاء الله، هو يتعلم الكلام ويحاول توصيل رسائل إلينا.” لكن بعد دقائق قليلة من تكرار نفس الكلمات بدأت أشعر بالملل ولكنى ظللت أشجعه على الاستمرار، ولكن بعد أربع ساعات، بدأت أفقد أعصابى وأشد شعرى. لحسن الحظ أن جدته صبورة جداً وهى مواظبة على محاولة تعليمه كلمات عربية وإنجليزية وفرنسية. لقد تلقى هاشم بعض الكتب المصورة كهدية من عمته وخاله وقد تعلم أسماء بعض الحيوانات، الألوان، والأكلات،….الخ.. أن ما يبعث على الدهشة حقاً هو كم المعلومات التى يمكن أن يتشربها الأطفال، فهم مثل قطعة الإسفنج دائماً يلاحظون، يجربون، ويضيفون كل المعلومات الجديدة التى يتشربونها إلى قاعدة البيانات الخاصة بهم. الشىء الوحيد الذى يعوقهم عن ذلك هو الطعام، وفى حالة هاشم “التسنين”! إن التسنين تجربة مؤلمة حقاً للأبوين كما هى مؤلمة بالنسبة للطفل، ويضاف إلى الألم الذى يعانية الطفل أنه لا يعلم ما هذا الألم ومتى ستوقف. إن هاشم “يسنن” منذ 6 أشهر، وحتى الآن لدية خمسة أسنان فقط بينما اكتملت أسنان بعض أصدقائه. يبدو أننا لا زال أمامنا عدة أشهر أخرى من التسنين. فى كل مرة “تشق” سنّة جديبدة، يظل هاشم عصبياً لبضعة أيام. أنا أشعر بحزن شدسد من أجلة لأن هاشم بطبيعته طفل بشوش ومسألة التسنين هذه لا تناسبه. على كل حال فكما يقول المثل: “ما لا يقتلك، يقويك،” وأنا اعتقد أن هذا المثل ينطبق علىّ أنا وهاشم.
فى هذه المرحلة من الاستكشافات التى يقوم بها هاشم ولا يعكرها إلا موضوع التسنين، بدأ هاشم بعض التجارب الجديدة فى البيت. فى الأسبوع الماضى قرر أن يتسلق إلى المنضدة الموجودة فى غرفة المعيشة ويقفز من عليها إلى الكنبة. المسافة بين المنضدة والكنبةحوال» 25 سنتيمتر، ولكن هاشم شعر أنه يمكنه أن ينجح فى ذلك. لحسن الحظ أننى رأيته فى اتلوقت المناسب وأسرع إليه لأتلقاه قبل أن يقفز، لكن اهتمامى هذا جعله يتسلق المنضدة مرة أخرى لكى يكرر المحاولة. لقد كان يفكر: “ياه! لعبة جديدة،” فقررت أننى يجب أن أتركه يقوم بتلك التجربة حتى يتوقف عن المحاولة. لقد تخطى المسافة بين المنضدة والكنبة بنجاح وضحك بشكل هستيرى وهو يقع فوق الكنبة. بالطبع كان يريد تكرار التجربة، فقربت له المنضدة من الكنبة، لكن لم يكن ذلك قراراً موفقاً لأنه لو زلّت قدمه فسيؤدى ذلك حتماً إلى ارتطام رأسه بالكنبة وهو يسقط، لذلك فقد قمت بإبعاد المنضدة إلى الخلف، ولكنها فكرة سيئة أيضاً فقد أصبحت المسافة كبيرة بين الكنبة والمنضدة. قررت أن الحل الوحيد هو محاولة تشتيته عن تلك المحاولات باستخدام فاكهته المفضلة “عاناب”. هذا ما يصرخ به هاشم دائماً عندما يرى أو يشم رائحة العنب، أو حتى يفكر فيه. هاشم يعشق العنب إلى حد الإدمان، فهو يجرى فى جميع أنحاء البيت وحتى إلى أى شخص غريب قائلاً “عاناب” وتكون نبرة صوته عميقة وأحياناً مهددة.
عندما يحدث فى أى وقت ولا نسمع صوت هاشم لأكثر من 60 ثانية، فهذا يعنى حتماً أنه قد حدثت مشكلة. سألتنى زوجتى أمس عن مكان التليفون، فأجبت بأنى لا أعرف، ولكن بما أنه تليفون لاسلكى، فيمكننا أن نضغط على زر معين فى الجهاز الأساسى فيصدر التليفون صفارة نعرف عن طريقها مكانه. كانت الساعة التاسعة والنصف مساءً وقد أخذ هاشم ساعة إلى أن استغرق فى النوم فقررنا أن ننتظر حتى الصباح للبحث عن التليفون لأننا خشينا أن يكون فى غرفته فتوقظة الصفارة من النوم. فى اليوم التالى، عندما كانت الغسالة دائرة، سمعت زوجتى صوت شىء يتخبط فى الغسالة. ظنت زوجتى أن الغسالة بها عطل وطلبت منى أن ألقى نظرة عليها. عندما وصفت لى زوجتى الصوت الذى سمعته، أحسست ب “كركبة” فى بطنى. وبالفعل، أوقفنا الغسالة وفتحنا الباب، وإذا بنا نجد التليفون مختبىء وسط الملابس والماء. أعتقد أن هاشم ظن أن التليفون يحتاج إلى تنظيف.

حسن هو أب لولدين يستمتعان بالكتابة عن مغامراتهما أثناء تجوالهما في الحياة.