التربيةالسنوات الأولى

كيف يمكنك السيطرة على سلوك الطفل

 

?????????????????????????????????????????????????????????????????????????????????????????????????????????????

 

كيف يمكنك السيطرة على سلوك الطفل

 

إن تنشئة الطفل قد تبدوا كصراع يومي بين إرادتين مختلفتين! فكريم الذي يبلغ من العمر عامين لا يكف عن جذب شعر والدته… وسارة الصغيرة تنتزع سكيناً من المطبخ وتريد أن تلعب بها! ومصطفي الذي يبلغ من العمر ثلاثة أعوام يصرخ صراخاً عالياً في السوبر ماركت لأن أباه رفض أن يشتري له الحلوي! فمتى وكيف يمكنك أن تضعي حدوداً حتى تستطيعي السيطرة على سلوكيات طفلك؟! فالإنضباط يشكل علامة إستفهام كبيرة ومبهمة للعديد من الأباء والأمهات.

 

إن حبك لأطفالك لا يعني أن تتركي لهم العنان ليفعلوا ما يحلو لهم فى كل الأوقات، فالطفل الذي يعرف حدوده يشعر بالطمأنينة ويتمتع بقدر أكبر من القبول بين الناس، لأنه يعلم جيداً أنه يجب عليه مراعاة الأخرين. كما أن الإنضباط لا يمنع الأطفال من المخاطر الجسمانية التي يمكن أن يتعرضوا لها فحسب، ولكنه يعلمهم أيضاً السلوكيات السليمة والتي سيحتاجون إلى ممارستها في الحياة فيما بعد، كي يستطيعوا الإندماج في المجتمع.

 

التخطيط السليم 
تنصحك د. حورية أحمد – أخصائية نفسية – بضرورة تفهمك لمراحل النمو المختلفة التي يمر بها طفلك، وذلك حتى تستطيعي التخطيط مسبقاً لطريقة التعامل الفعالة التي تتناسب مع مرحلته السنية، ولكي تتجنبي التعامل العشوائي مع الطفل في المواقف الصعبة التي قد تواجهينها معه. وترى د. حورية أنه ليس من الواقعي أن تنتظري من طفلك ألا يلمس الأشياء. فالطفل بطبعه يحب أن يسكتشف الأشياء المحيطة به. لذا وحتى تستطيعي أن تأمني منزلك من عبث طفلك، قومي بإزالة كل الأشياء القيمة والخطيرة بعيداً عنه. ضعي دائماً لعب تكون في متناول يديك حتى تستبدليها فوراً بالأشياء التي لا تريدينه أن يعبث بها. وتقترح د. حورية أنه علي سبيل المثال إذا أمسكت طفلتك بسكين فقولي لها بلطف وأنت تمسكين يدها “لا. هذه سكين تقطعين بها الأشياء… تريدين أن تلعبي… حسناً… هذه لعبة يمكنك أن تلعبي بها”. إذا فعلت ذلك سيفم الطفل أن هناك لعب تصلح لللعب وأخرى لا تصلح لذلك.
علاوة على هذا، يمتلك الأطفال فترة إنتباه وجيزة، لذا فعندما تذهبين إلى أحد المطاعم أو تزورين منزل أحد المعارف خذي معك عدة لعب صغيرة كي تلهي بها طفلك. وإذا أصيب طفلك بالملل من لعبة أعطية لعبة أخرى. كما تنصح د.حورية بإعداد الطفل للأشياء التي يمكن أن يتنبأ بها أو يتوقع حدوثها قائلة: “أخبري طفلك قبل دخولكما إلى المطعم بطريقة لطيفة، إننا سنقضي وقتاً ممتعاً هنا… نحن هنا كي نجلس على المائدة ونأكل ونستمتع… فإذا قمت من على الكرسي فستفقد كل المتعة! أريدك أن تبقي جالساً… وسوف أفاجئك كل خمس أو عشر دقائق بلعبة من الألعاب”.

 

كيف تتفاهمين مع طفلك؟

كم مرة سمعت هذه المقولة “إذا لم تكف عن ذلك… فسأطلب لك الشرطي حتى يأخذك إلى السجن! إن بعض الأباء والأمهات يلجأؤن إلى التهديدات العنيفة حتى يسيطروا على الطفل المتمرد. وحتى إذا كنت لا تلجئين لى مثل هذه التهديدات مع طفلك، فقد تصادفين من يتطوعون بها كنوع من أنواع التهديد مثل التخويف بالأطباء الذين يحقنون أى طفل غير مهذب أو بالوحوش التي ستلتهم أى طفل لا يجلس في هدوء! تقول د.حورية “إن التهديد لا يحل الأمور، فكل الذي تفعلينه هو أنك تخيفين طفلك ولكن هل سيتعلم شيئاً؟! عندما تقومين بتربية طفل يجب أن تكون الأولوية القصوى هي تعليمة التمييز والتفرقة بين السلوك القويم وغير القويم”. ولذا تنصح د.حورية بإيقاف أي فعل خاطئ يقوم به الطفل بكلمة أو كلمتين بسيطتين يستطيع الطفل فهمها كأن تقولي له “لا” أو “كفى” أو “تعالى هنا”  ثم قومي بالتوضيح له بعد ذلك قائلة: “إن شعري يؤلمني عندما تشده… ولكن يمكنك أن تلعب بشعر هذه الدمية” أو قولي له: “نحن نضع الزهور في هذه الفازة… ولذا فهي ليست لللعب”.
إذا كنت ستصدرين أمراً لطفلك فلتحاولي صياغته في مثل هذه الصورة السابقة فهي أفضل من صورة الطلب أو العبارات الغامضة التي يمكن للطفل أن يسيئ فهمها أو يتجاهلها. فمثلاً لا تقولي له “لا يجب القفز علي الأريكة” بينما من المفروض أن تقولي له “من فضلك إنزل من فوق الأريكة”. وفي كلا الحالتين ستجدين طفلك مازال معترضاً ومتذمراً ولكنك ستكونين على الأقل قد أوصلت له المعلومة. وتحذر د. حورية من أن العبارات السلبية أو المهينة يمكن أن تصيب الطفل بالإحباط، لذا عليك أن تتجنبي سبه، أو أن تقولي له: “لقد أخبرتك بهذا من قبل… لابد أنك غبي”.
كما يعد الإتصال الغير لفظي أكثر أهمية مما تقولينه لطفلك الصغير. فتعبيرات وجهك، نبرة صوتك وحركات جسدك تؤدي جميعاً إلى توصيل مشاعرك للطفل ولذا تقول د. حورية: “إذا كانت الأم تشعر بالقلق أو الضغط أو الإكتئاب، أو كانت عصبية في كثير من الأوقات، فسوف يحاكي الطفل هذه السلوكيات فيجب أن نكون لطيفين ومحايدين في إنفعالاتنا حتى لو كنا سنقول لأبنائنا “لا” فلا يجب علينا أبدا أن نكون ثائرين أو قاسين ونحن نقول له “لا” بمعني أنه يجب على الآباء عندما يخاطبوا أطفالهم أن يكونوا حازمين أكثر من كونهم غاضبين. وتستكمل د.حورية الحوار قائلة: “إن الطفل يستطيع أن يفهمك… لذا فإذا أشعرته بالخوف، سيعتقد أن جميع الكبار مخيفون ومريعون”.
كلما كبر طفلك، لابد لك من تغيير القواعد التي تضعينها له، ولكن المبادئ الأساسية إتركيها كما هي. تقول د.حورية : “إذا قلت لا… فهي لا… سواء كنت تتعاملين مع طفل صغير أو مع مراهق… ولكن قبل أن تقولي لا… عليك أن تفكري في العواقب..ز فعندما تقولين شيئاً يجب أن تتأكدي من قدرتك علي تنفيذه”. ويمكنك أن تتساهلي في بعض الأحيان التي يكون فيها طفلك مريض، قلق أو حزين”.

 

نوبات الغضب!

يعلم كل الأباء والأمهات أن الأطفال الصغار يكونوا سريعي الغضب. فقدراتهم مازالت لا تتوافق مع درجة الإستقلالية التي يتوقون إليها، الأمر الذي يجعلهم يشعرون بالإحباط عند فرض القيود عليهم، أو عند عدم تلبية رغباتهم. كما أنهم أيضاً يكتسبوا بعد المهارات اللغوية التي تمكنهم من التعبير عن مشاعرهم بشكل جيد. لذا فعندما يبدأ طفلك في الصراخ أو في التصرف على نحو غير متزن يقترح عليك بعض خبراء التربية أن تستخدمي أسلوب يسمي بأسلوب “مدة التوقف عن ممارسة النشاط” أو “الوقت المستقطع”. تقول د.حورية: إن “مدة التوقف عن ممارسة النشاط” هي أن تبعدي الطفل عن المكان الملئ بالإثارة واللعب وتضعيه في مكان بمفرده حيث يكون فيه تحت الملاحظة. أبعدي عنه أيضاً اللعبة أو الشي الذي سبب له هذا الضيق والغضب وإجعلية يجلس دون أي تعليق أو مقاطعة منك حتي يهدأ من تلقاء نفسه، ثم قولي له بعد ذلك أنك ستتحدثين معه عن سبب المشكلة التي ضايقتة حين يكون هادئاً. أما الطفل الأصغر سنا فقد يحتاج أن تحتضنيه وتشعرية بالطمئنينة إذا ما أصابته نوبة الغضب تلك.
تؤكد د.حورية على أهمية أن يتحكم الآباء والأمهات في إنفعالاتهم حتى لا يزيدوا الموقف تعقيداً. وتقول أيضاً:”إذا صرخ الأب أو الأم في وجه الطفل فسيزيد الطفل من صراخه، وإذا أصبحا أكثر عصبية سيصبح الطفل أيضاً أكثر عصبية”. وهكذا فإن الرسالة التي ستفهميها لطفلك من خلال تطبيقك لأسلوب “مدة التوقف عن ممارسة النشاط” هي أن الغضب لن يفيد وأنه لن يحظي بإهتمامك إذا ما فعل ذلك لأن هذا السلوك مرفوض”. وعندما تنتهي نوبة غضب طفلك تحدثي معه بهدوء عن سبب غضبه.
أما إذا قام الطفل بالتعبير عن غضبه بالصراخ في مكان عام مثل السوبر ماركت أو السينما، فلا تفقدي هدوءك، وإذا لم تفلح محاولاتك لتهدئته فارجعي به إلى المنزل على الفور. والرسالة التي توصلينها هنا أيضاً هي أن الصراخ لن يجعله يحصل علي ما يريد.
أما بالنسبة لضرب الأطفال ينبغي أن يتذكر الآباء والأمهات أنه لا يجب أبدا ضرب الطفل لمجرد أنك غاضبة. ومن المؤسف أن هناك العديد من الحالات الخطيرة والتي نتجت عن التأديب الأبوي العنيف أثناء الغضب!! فعلى سبيل المثال، يمكن لصفعة واحدة على الوجه أن تعرض عيني طفلك وأذنيه للخطر، كما أن الجذب العنيف للذراعين والرجلين يمكن أن يؤدي إلى خلع المفاصل.

 

لا تفقدي أعصابك!

إن تربية الطفل تتطلب طاقة وصبراً، وهما أمران يصعب تحقيقهما إذا كنت تحت ضغوط شديدة، لذا يجب عليك المحافظة على صحتك وعلى حالتك المزاجية. وإذا كنت تشعرين بالإرهاق أو الضيق، فخصصي بعض الوقت للقيلولة أو للتمتع بحمام منعش. تقول د. حورية: “عندما تشعرين بالإرهاق والتعب إعهدي لشخص أخر برعاية طفلك حتى تستعيدي سيطرتك على مجريات الأمور”. وتقول أيضاً أنه بينما يشعر العديد من الآباء والأمهات بالذنب لأنهم يخصصون بعض الوقت لأنفسهم، فإن ذلك ضرورياً جداً حتى تكوني أما فاضلة، كما أنه أيضاً من متطلبات التربية السليمة. وتضيف قائلة: “إن إهتمامك بنفسك هو السبيل الوحيد الذي سيجعلك فيما بعد قادرة على الإهتمام بالآخرين”.
وأخيراً، فإن التربية وظيفة لا تقل صعوبة عن أي وظيفة أخرى، ولذا لا يجب أن تقومي بأدائها عن طريق الإستماع للآخرين، أو عن طريق تقليدك للتربية التي نشأت عليها. علمي نفسك عن طريق الكتب والمجلات وشبكة الإنترنت، حتى تتوصلي إلى آخر الأساليب والنصائح الحديثة المتعلقة بتربية الأطفال. وعندما تتفهمين لماذا يتصرف طفلك بطريقة معينة وما هي أفضل الوسائل للتعامل معها ستكونين أكثرهدوئاً وإستعداداً لمواجهة مثل هذه التصرفات. فالحياة مع طفل صغير قد تستنفذ صبرك ولكنها لايجب أن تتحول إلى صراع لا ينتهي، فهي تجربة تعليمية للأم والطفل على حد سواء.

Facebook Comments

عالم الأم و الطفل

تشمل مجموعتنا الواسعة من المقالات جهود أكثر من 20 عامًا من العمل وتغطي مجموعة واسعة من الموضوعات المتعلقة برعاية الأسرة والطفل. تم تطوير جميع مقالاتنا وتحديثها بمساعدة ودعم القادة في مجالات الطب والتغذية والأبوة والأمومة ، من بين أمور أخرى.

زر الذهاب إلى الأعلى