التربيةالسنوات الأولىبعد الخمس سنوات

كيف تساعدين أطفالك على التكيف مع أحداث الثورة

 

 كيف تساعدين أطفالك على التكيف مع أحداث الثورة

كيف تساعدين أطفالك على التكيف مع أحداث الثورة

 

نصائح بالنسبة للأطفال فى سن خمس سنوات أو أصغر: 

يتعين على الوالدين ممن لهم أطفال أصغر من خمس سنوات محاولة متابعة الحياة بصورة طبيعية وتجنب إظهار الشعور بالقلق والتوتر ونقله بالتالى إلى الطفل. فعلى سبيل المثال، قد يكون من غير الممكن الذهاب إلى الحضانة أو الخروج فى نزهة ممتعة أثناء فرض حظر التجول، ويفضل الاستعاضة عن هذا الأمر بتنظيم بعض الأنشطة المسلية يمارسها الأطفال بصورة جماعية أو فردية وذلك لشغل أوقاتهم بدلاً من الإنغماس فى الأحداث ومناقشتها مع الآخرين وبالتالى يتأثر الأطفال بهذا الجو المحيط بهم. يمكنهم مشاهدة البرامج الكرتونية الخاصة بهم أو أفلامهم المفضلة على “الديفيدى” بعيداً عن البرامج الإخبارية التى يشاهدها الكبار على شاشة التليفزيون، ومراعاة تجنب النقاش حول القضايا السياسية والأوضاع المستقبلية أمامهم. ينبغى أن يمارس الأطفال روتينهم اليومى الذين أعتادوا عليه، وعدم الإفراط فى تدليلهم. فعلى سبيل المثال، الطفل الذى اعتاد من قبل على النوم فى سريره وحده لا ينبغى السماح له بالنوم فى السرير معك الآن، أو أن يُسمح له بالسهر لوقت متأخر، أو أن يُعطى تفسيرات لماذا لا يمكنه الذهاب إلى مراكز التسوق والترفيه، أو تناول الطعام خارج المنزل أو غير ذلك.

عندما يتعلق الأمر بشرح الأسباب حول تغيير روتين الحياة المعتاد مثل عدم ذهاب الأبوين إلى العمل، لا ينبغى أن تشوب الإجابة أى إشارة إلى القلق أو التخوف، بل يجب أن تكون الإجابة مبسطة حيث تأخذ الأطفال فى هذه السن الأمور على علاتها ولن تتساءل عن أسباب هذا التغيير إذا كانت الإجابة “كنت أريد البقاء فى المنزل”، “وددت أن أقضى معكم بعض الوقت”، ” أنا عندى أجازة”.

أما إذا طرأ على الأطفال ظواهر مثل التبول اللاإرادى أو الكوابيس أثناء الليل أو من السهل استثارة مشاعرهم أو عدوانيتهم، فهذا مؤشر على أن قلق الوالدين قد انعكس عليهم، وأنهم يحاولون التكيف مع مشاعرهم تجاه هذا المتغير من خلال مثل هذه التغيرات السلوكية. وفي هذه الحالة، يجب أن نتذكر بأن أطفالنا حولنا وأنه ينبغى علينا تبسيط الأحداث أكبر قدر ممكن.

الأطفال فى هذه السن لاينبغى أن يعلموا أن الأب ينزل إلى الشارع فى الليل لحراسة المنازل وأن هناك مجرمين طلقاء فى الشوارع أو أن الحضانات والمدارس توقفت عن العمل لأسباب أمنية. يجب أن يكونوا قد ذهبوا للنوم قبل نزولك من المنزل فى الليل وأن تبلغهم أنهم فى أجازة من المدرسة. وإذا كانت الأطفال فى هذه السن يقوموا بترديد ما يسمعوه من الأطفال الآخرين فيما يتعلق بالأحداث الجارية، يمكن للأبوين أن يقللوا من شأن هذه الأمور بقدر الإمكان وتحويلها إلى مواقف مرحة إذا أمكن.

ولكن فى حال إذا ما كان طفلك قد تعرض لبعض الأحداث الصادمة، لابد وأن يؤخذ الأمر بشكل أكثر جدية وبالتالى من الأفضل أن يُعرض على أخصائى نفس متخصص فى معالجة توابع مثل هذه الحالة. سوف يساعدك الأخصائى على فهم كيفية التهدئة من روع طفلك بشكل فعال ومساعدته على التعبير عن مخاوفه والتغلب على الشعور بعدم الأمان وذلك من خلال انخراطه فى حياة الأسرة الطبيعية وروتينها اليومى. وهناك العديد من الطرق التى يمكن من خلالها تحقيق هذا الهدف، والتي تتضمن ملاحظة أفراد الأسرة لسلوكه، والعلاج الترفيهى، إلى جانب المشورة المتخصصة للأم والطفل. لابد من استعادة حياة طفلك الطبيعية، وتفهم تفسيراته الخاصة ودلالات التجربة الصادمة عليه، على أن يتم مراعاة عدم الإفراط أو التفريط فى حمايته، والمتابعة المستمرة مع الطبيب المعالج كأحد العناصر الأساسية لمساعدة طفلك فى تجاوز هذه الفترة.

 

نصائح بالنسبة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم من 6 سنوات إلى 12 سنة: 

يعد التعامل مع هذه الفئة العمرية أكثر صعوبة حيث يبدؤا فى إدراك المفاهيم المجردة ومصطلحات مثل الفساد، السياسة، البطولة، الثورة، ميدان التحرير، التظاهر بعد أداء صلاة الجمعة، حظر التجول وغيرها من المصطلحات للمرة الأولى فى حياتهم. وفى نفس الوقت، بدأ يتعرض لأحداث ويدرك مفاهيم أخرى بأن الشخصيات التى كانت تعد “هامة” فى السابق يمكن أن تُسب ويزج بها فى السجن لمحاكمتها..وغير ذلك. ونفس الموقف ينطبق على مناصب مثل ضباط الشرطة حيث لم يعد يتم التطلع إليها بعد الآن، وأن الأطفال قد يروا هؤلاء الأشخاص على أنهم “أشرار” (وفقاً لما يسمعونه فى وسائل الإعلام وردود فعل الكبار). هؤلاء الأطفال لديهم مشكلة الآن فى تفهم تدرج السلطة ومدى اتساقها مع القيم والأخلاق. لذلك فمن المهم للغاية أن نكون حذرين فيما يتعلق بالمعلومات التى نعطيها لأطفالنا، وفى نفس الوقت محاولة الحفاظ على الهيبة وميزان القوى داخل الأسرة مع تطبيق النموذج الأمثل للقيم التى نريد لأطفالنا اكتسابها.

نحتاج للبحث عن تفسيرات مبسطة ومنطقية دون اللجوء إلى المناقشات الجدلية (وبصفة خاصة عندما تكون وجهات نظر متناقضة ومتضاربة)، وفى الوقت نفسه محاولة الحد من تعرض الأطفال إلى مشاهد العنف فى الشارع أو على شاشة التليفزيون. واستجابةً لرد فعل الأطفال فى حال مشاهدتهم للعنف، يجب أن تكون إجاباتنا بأن مثل هؤلاء الأشخاص الخارجة عن القانون يتم القبض عليهم، وأن هناك ردود فعل مبالغ فيها وهى ليست صحيحة، وأنه سوف يتم التحقق منها فى وقت قريب.

أما بالنسبة لما ينتظر الرئيس السابق والرموز السياسية، فيمكننا أن نشرح ببساطة أنه بعد أن تهدأ الأمور، سيأخذ القانون مجراه.

 

ماهى أفضل وسيلة للتعامل مع الفراغ الأمنى؟

بمجرد أن تكون لدينا (كآباء وأمهات) صورة واضحة حول التدابير الأمنية المطلوبة، عادةً ما تستقر الأمور بشكل أسرع. حيث أن عنصر المفاجأة هو الذى يصدم الجميع ويزيد من حالة الخوف وعدم الشعور بالأمان. وهذا يعنى أن الإحساس بالثقة فى تطبيق بعض التدابير مثل استخدام أتوبيس المدرسة وإحكام غلق أبواب المنازل والسيارات، وعدم الخروج في أوقات معينة، يجب أن ينعكس بشكل تلقائى وطبيعى وأن يتم امتصاص أية مخاوف قد تطرأ على الأطفال. حتى ولو كان لدينا أى إحساس بالخوف يجب ألا نُظهر هذه المشاعر لأطفالنا قدر الإمكان، أو السماح لهم بالاطلاع على رسائلنا النصية أو الالكترونية والتى تحذر من مخاطر الطرق أو اللصوص والبلطجية وغيرها..

ولا يجب أن يسمح حتى للأطفال فى سن 12 سنة الذهاب وحدهم  للنادى أو التواجد فى الشارع أو مراكز التسوق أو السينما، وإذا حال الأمر دون ذلك، يجب أن يكونوا على دراية تامة بكيفية الاتصال بالوالدين أو أحد الأصدقاء أو الأقارب الكبار إذا اقتضى الأمر (وماهى البدائل فى حالة سقوط شبكات اتصال المحمول) مع كيفية التصرف بحكمة فى أى موقف. على سبيل المثال، إذا تم السماح لهم للذهاب إلى منزل أصدقائهم وحدث أمر من شأنه أن يحول دون إمكانية الاتصال بالوالدين، ينبغى عليهم البقاء فى أماكنهم مع الأشخاص الكبار المتواجدين حتى تتحسن الظروف ويستعيدوا سبل الاتصال مرة أخرى.

وبشكل عام، من الهام للغاية أن يسود جو من الحب والألفة فى التعامل مع الأطفال، مع وجود بعض الحزم والحفاظ على السلطة الأبوية واحترام الكبار فى المنزل أو  المدرسة، وضرورة أن يعلم الأطفال أن هذه الأحداث الجارية متعلقة بالأمور السياسية ولابد ألا تعنيهم فى الوقت الحالى حتى ولو كانوا شركاء فيها بحكم أنهم جزء من هذا المجتمع. ويجب علينا دعم إحساسنا بالأمان وشعورنا بالإنتماء تجاه أسرتنا الصغيرة وإلا لن يعترف الصغار بأن هناك سلطات فى نهاية المطاف.

Facebook Comments

جوزيت عبد الله

الدكتورة جوزيت عبد الله هي أستاذة مشاركة في علم النفس وأخصائي نفسي سريري مرخص. حصلت على درجة الدكتوراه من جامعة عين شمس وكانت أستاذة علم النفس بالجامعة الأمريكية بالقاهرة. تعمل حاليًا في عيادة خاصة كاستشارية في علم النفس السريري

زر الذهاب إلى الأعلى