التربيةبعد الخمس سنوات

طفلك و الشخصيات الخارقة

 

طفلك والشخصيات الخارقة

طفلك و الشخصيات الخارقة

سواء رضينا أم أبينا فإن أطفالنا يتأثرون بالشخصيات الخارقة التى يرونها فى أفلام الأطفال وأفلام الكرتون. اقرئى لتعرفى كيف يمكن أن نجعل الطفل يستفيد بأكبر درجة ممكنة من هذه الشخصيات.

نحن جميعاً بلا شك نتأثر بكل ما نراه حولنا فى الحياة، والأطفال مثلنا تماماً. الأطفال يقومون بإدراك ما يدور حولهم، يمتصونه، يحاربونه، يتحدونه، ويعبرون عنه. تتطور لدى الأطفال أيضاً القدرة على تقليد التجارب المحيطة بهم وبمجرد أن تنمو هذه القدرة لديهم، تصبح إحدى أنشطتهم الأساسية هى الألعاب التى تعتمد على التقليد. خلال هذه الألعاب، يقوم الأطفال بعمل خطط وتقمص أدوار يقومون عن طريقها بالتعبير عن مشاعرهم تجاه العالم حولهم.

القصص، التليفزيون، والحكايات المصورة تشترك فى شئ واحد: مفهوم البطولة. البطولة ليست مفهوماً واقعياً فقط، ولكنها تمتد إلى أشهر الشخصيات الخيالية فى التاريخ. غالباً ما يتضمن لعب الأطفال – الذى يقوم على أساس تمثيل أدوار معينة – شخصيات خارقة من الشخصيات الكرتونية أو الشخصيات التى يرونها فى أفلام الأطفال. الشخصيات الحالية التى تسيطر على خيال أطفالنا هى رموز مثل سوبرمان، باتمان، سبايدرمان، بالإضافة إلى الشخصيات التى يطلق عليها العظماء، كل هذه الشخصيات غالباً ما يعتبرها الآباء ضارة أو خطر على الطفل. عادةً ما يحاول الآباء إبعاد أطفالهم عن هذه النوعية من اللعب، لكن ممارسة الطفل للعبة تمثيل الأدوار خاصةً إذا كانت اللعبة بها شخصية من الشخصيات الخارقة المحببة للأطفال يمكن أن تعرفك الكثير عن شخصية طفلك كما يمكن أن تساعدك على تعليم طفلك أسلوب التعامل مع الآخرين كما يمكن أن يكتسب من خلالها الطفل القدرة على حل المشكلات، بالإضافة إلى أن هذا النوع من اللعب يسمح لك بمناقشة مفهوم القوة مع طفلك، تحسين مهاراته اللغوية، وتشجيع الإبداع عنده.

لماذا يحب الطفل الشخصيات الخارقة؟
إن مشاهدة فيلم مثل سبايدرمان ممتع لكل طفل. وبما أن طفلك غالباً سيشاهد الفيلم في كل الأحوال، فشاهداه سوياً ثم اجلسى وتناقشى معه في الفيلم. ركزى على الجوانب الإنسانية في البطل ووضحى لطفلك أن البطولة لا تعتمد بالضرورة على القوة البدنية. وضحى له كيف ساعد سبايدرمان الطفلين على عبور الشارع لأنهما لم يستطيعا العبور بمفردهما لعدم وجود شخص كبير معهما. هذه تربة خصبة لاختبار وزرع قيم جميلة فى أطفالنا. اطرحى على أطفالك تمثيلية معينة يقومون بأدائها ومن خلالها يمكنك اختبار طريقة تفكيرهم وأسلوبهم فى التصرف، وسيعطيك هذا فرصة لتعديل أو دعم اختياراتهم.

يمكن أن تعرفى طفلك على شخصيات إيجابية مثل طه حسين، وهيلين كيلر على سبيل المثال. اشرحى له لماذا نعتبر هذه الشخصيات شخصيات خارقة. فى المرة التالية عندما تخرجين مع طفلك، ابحثا عن شئ يحتاج للتحسين أو عن شخص يحتاج لمساعدة وقوماً معاً بهذه الخطوة لكى يشعر طفلك بأنكما بطلين!

الحقيقة والخيال
شاهدى مع طفلك الأفلام المناسبة واقرئى معه القصص وساعديه على فهم الخدع الموجودة بالأفلام. اشرحى له كيف أن التكنولوجيا الحديثة تستخدم لإخراج مثل هذه المشاهد الرائعة. هذا قد يحفز فى طفلك اهتمامات جديدة ليس فقط فى النواحى التكنولوجية لكن قد يحفز فيه أيضاً اهتمامات أخرى مثل فكرة الطيران على سبيل المثال – المستوحاة من شخصية سوبرمان – وقد ينتج عن ذلك اهتمامه بالطيور (مثل العصافير، الذباب، النحل، …الخ) أو بالطيارات والصواريخ. سيفهم طفلك بمساعدتك وتوجيهك أن الناس لا يستطيعون الطيران وإلى أى حد هى مسألة معقدة ومتقدمة. احرصى على توعية طفلك بأخطار اللعب العنيف.

أنت وأبطالك الصغار
قومى بدور إيجابى عندما يبدأ أطفالك فى اللعب. اشتراكك فى لعب أطفالك سيوضح لهم انتباهك واهتمامك وسيتيح لكم فرصة الاستمتاع معاً. هذه الخطوة ستفتح أمام أطفالك باباً للثقة بك واللعب معك كما ستفيد فى زيادة الترابط بينكم.

اصنعى عرائس لشخصيات الأبطال التى يحبها أطفالك واصنعى لوحة ألعاب. اشترى الألوان المناسبة وارسمى رموز الشخصيات على التيشيرتات السادة. إن اهتمامك بهذه الشخصيات التى يحبها أطفالك يمكن أن يكون خطوة لممارسة أنشطة أخرى تساعد على زيادة التقارب بينك وبين أطفالك وتحفز دوافعكم الإبداعية.

إذا أردت التدخل فى بعض الأحوال كحالات لجوء الأطفال للعنف، تقول د. جوزيت عبد الله – أستاذة الطب النفسى: “الطريقة الغير مباشرة أفضل. إن محاولة تخفيف حدة اللعب عند ظهور أى عنف وتحويل انتباه الأطفال عن الموقف العنيف أفضل من التدخل بالقوة.” إن تحويل انتباه الأطفال عن الموقف يفيد فى توجيه انتباه الطفل إلى جوانب أخرى مفيدة للعبة.

ما الفائدة من لعبة تمثيل الأدوار؟
توضح د. جوزيت قائلة: “إن لعبة تمثيل الأدوار تساهم بشكل كبير في تحديد مناطق المشاكل لدى الطفل بالنسبة لنموه الاجتماعى، العاطفى، أو الإدراكى، والتدخل الصحيح أثناء اللعب قد يكون له أثر كبير في مساعدة الطفل على التعامل مع مشاكله.” من أهم الموضوعات التى يمكن التعامل معها من خلال اللعب الذى يعتمد على تمثيل أدوار الشخصيات الخارقة، هو موضوع القوة. تقول د. جوزيت: “فهم الطفل لمفهوم القوة، من الذى يعتبره قوياً، وكيف يمكن استخدام القوة بالطريقة السليمة كلها أمور يمكننا التعرف على وجهة نظر الطفل فيها من خلال اللعب.”

بعض الأسئلة التى يمكن الإجابة عليها من خلال الإشراف على هذا النوع من اللعب أو المشاركة فيه هى: “ما هى الشخصية التى يتعاطف معها الطفل وما هى الشخصية التى يستنكرها؟ ما هى الشخصية التى يريد الطفل تعديل سلوكها؟ ما الذى ينقص شخصية طفلك، على سبيل المثال القوة، العزيمة، الإصرار…الخ؟ كيف يحقق الطفل المعادلة بين القوة والضعف؟ كيف يستجيب الأطفال الآخرون لدور طفلك؟”

أظهرى دائماً لطفلك تقديرك لشعوره بالمسئولية. هذا الاهتمام بمجريات حياته اليومية وسلوكياته الإيجابية يخلق بداخله شعوراً بالاطمئنان أنك تهتمين بمهاراته وأنه مهم. سيساعد هذا على زيادة ثقة الطفل بنفسه وعلى تقليل العنف فى اللعب.

Facebook Comments

جوزيت عبد الله

الدكتورة جوزيت عبد الله هي أستاذة مشاركة في علم النفس وأخصائي نفسي سريري مرخص. حصلت على درجة الدكتوراه من جامعة عين شمس وكانت أستاذة علم النفس بالجامعة الأمريكية بالقاهرة. تعمل حاليًا في عيادة خاصة كاستشارية في علم النفس السريري

زر الذهاب إلى الأعلى