حياة زوجية أكثر سعادة!
حياة زوجية أكثر سعادة!
تقول د. حورية أحمد – أخصائية نفسية – إذا كنت تعتقدين أن الزواج يعنى أنك ستكونين سعيدة طوال حياتك هكذا بشكل تلقائى، فكرى مرة أخرى. “إن أى إنسان متزوج يعلم أن الوصول إلى علاقة زوجية صحية هو فى الواقع تحدى، وليس ذلك بالسهل أبداً، فهذا لا يحدث من تلقاء نفسه. إن الضغوط التى يواجهها الزوجين بخصوص العمل، الأطفال، والمشاكل التى لم يجدا لها حلاً، كل هذه الأمور تزيد من الضغوط التى تتعرض لها العلاقة الزوجية.” وتضيف: “فإذا قالت زوجة ما “أريد أن يكون زواجى سعيداً”، فهذا ليس ممكناً، فلن تكونى سعيدة هكذا دون جهد بل سيكون عليك بذل جهد متواصل من أجل الوصول إلى ذلك، كما أنه سيكون عليك دائماً التعامل مع الضغوط المختلفة.”
ماذا يفعل إذن الزوجان اللذان يتمتعان بعلاقة زوجية قوية؟ تجيب د. حورية: “يهتم كل طرف منهما بالطرف الآخر، يهتم بنفسه، بالأسرة، وبالعلاقة الزوجية نفسها. وتؤكد د. حورية قائلة: “هذان الزوجان يقومان ببذل الجهد من أجل تقوية ونجاح علاقتهما الزوجية ولا يجلسان هكذا منتظرين حدوث الأشياء بل يعملان هما من أجل تحقيق هذه الأشياء.”
دائرتك أنت
إذا كنت تريدين الاستمتاع بعلاقة زوجية قوية، أول شئ يجب أن تفعليه هو أن تفهمى نفسك وتتحملى مسئولية إسعاد نفسك.
تقول د. حورية: “يجب أن تظلى طوال حياتك تبذلين جهداً من أجل فهم نفسك، احتياجاتك، ورغباتك.” وتوضح أن هذا يعنى أن تركزى على ما يحدث بداخل نفسك قبل التركيز على ما يحدث خارجها. جربى هذا التمرين الخيالى الذى ابتكرته د. حورية أحمد:
حاولى التركيز على شئ غير نفسك مثل صوت التكييف على سبيل المثال. الآن، اتركى التركيز على ذلك وركزى على نفسك. خذى نفساً عميقاً ولا تفكرى فى أى شئ فى هذه اللحظة غير نفسك. الآن تخيلى فى يدك قطعة من الطباشير، وتخيلى أن ذراعك يمتد. باستخدام قطعة الطباشير، ابدئى فى رسم دائرة حول نفسك على أن تكونى أنت فى مركزها.
توضح د. حورية: “الدائرة هى فضاؤك وأنت هناك فى مركز هذه الدائرة، داخل هذه الدائرة ستجدين قيمك، معتقداتك، أفكارك، الأشياء التى تعلمتيها من الآخرين، الأشياء التى تحبينها، الأشياء التى لا تحبينها، مشاعرك، أحاسيسك، احتياجاتك، رغباتك، آمالك، وأمنياتك.. كل شئ فى الدائرة يخصك أنت ولا يخص زوجك، كما أنه لا يخص جيرانك، أبويك، أو أى شخص آخر، فهو يخصك أنت وحدك.”
تقول د. حورية أنها مسئولية كل فرد أن يملأ دائرته بالسعادة. “إنها مسئوليتك أنت أن تعرفى ما الذى يسعدك، وما الذى يتعسك، وهى أيضاً مسئوليتك أن تعبرى عن هذه المشاعر لكى يستطيع أن يفهمها الشخص الموجود خارج دائرتك، ومسئوليتك كذلك أن تغذى هذه الدائرة. لكى تستمتعى بأسرة سعيدة، علاقة زوجية سعيدة، وعلاقات سعيدة مع الآخرين، كل ذلك يبدأ من هناك من دائرتك أنت.”
تقول د. حورية أنه لكى تستمتعى بمشاعر صحية تجاه نفسك، يجب أن تحترمى كل شئ فى دائرتك، سواء أحببتيه أم لا لأنه جزء منك، وتشير إلى أنه بداخل دائرتك نفسها تتغير قيمك ومعتقداتك على مدار عمرك. تنصح د. حورية بأنك إذا كنت ترغبين فى تغيير شئ فيك أو تعديل قيمك ومشاعرك، “لا تبدئى فى عقاب نفسك أو لومها، بل ابذلى الجهد من أجل ذلك.”
دائرة الزواج
بعد ذلك، إذا كان شعورك تجاه نفسك شعوراً صحياً، يمكنك أن ترتبطى بشخص آخر لكن لا يجب أن تنسى أن الطرف الآخر له هو أيضاً دائرته بكل محتوياتها. تقول د. حورية: “لا يجب أن أكسر دائرة الطرف الآخر لكى تتناسب مع دائرتى وتدخل فيها، كما لا يجب أن يكسر أحد دائرتى لكى أدخل دائرته. فإذا احترم كل منا دائرته هو، فيجب أن يحترم كذلك دائرة الآخر.”
الآن تخيلى أنك ستتزوجين وفى يد كل منكما أنت وزوجك قطعة من الطباشير ثم ارسما سوياً دائرة أكبر من دائرة كل منكما على حدة. توضح د. حورية: “ما هذه الدائرة؟ هذه هى دائرة الزواج التى نرمز لها بالدبلة – التى تمثل أيضاً دائرة.” الآن لديكما 3 دوائر، دائرة الزواج الكبيرة، ودائرتين صغيرتين بداخلها تمثلانك أنت وزوجك.
تشير د. حورية إلى أن الزواج كائن مستقل بذاته، كائن يحتاج للغذاء من أجل البقاء. فالعلاقة الزوجية لا تكون سعيدة من تلقاء نفسها، ولكن هى مهمة طرفى العلاقة أن يعملا ويبذلا جهداً من أجل الوصول لهذه السعادة. إذن كلما تعرضتما أنت وزوجك لخلاف أو لموقف عصيب يمكن أن يؤثر على علاقتكما الزوجية، يجب أن ينظر كل منكما إلى دائرة الزواج ويفكر فى أفضل ما يمكنه عمله من أجل هذه الدائرة وماذا يمكنه أن يفعل لكى يقوى هذه الدائرة. إذا وضعتما فى اعتباركما هذا المنظور تقول د. حورية، سيمكنكما بسهولة أكثر تجنب العوامل التى قد تضعف علاقتكما الزوجية وستركزان أكثر على الأشياء التى تقويها.
مفهوم خاطئ الذى يفترض أنه إذا كنتما تحبان بعضكما البعض فلن تختلفا، تقول د. حورية: “الحقيقة هى أن الخلاف يحدث فى كل علاقة زوجية، فى كل بيت، وفى كل العلاقات.” وتوضح أن الخلاف لا يعنى أن علاقتكما الزوجية فاشلة أو أنكما لا تحبان بعضكما البعض، بل فى الحقيقة إن الخلاف يمكن أن يقوى العلاقة الزوجية “لأنكما تعبران عن مشاعركما، وهى وسيلة لنمو العلاقة بينكما وتقويتها.” تحذر د. حورية من النظر إلى الخلاف أو عدم الاتفاق بينكما على أنه “معركة” يجب أن يكسبها أحدكما. وتضيف: “أنا أفضل استخدام كلمة “خلاف”، “عدم اتفاق”، لكن ليس “معركة” أو “شجار”، فلو قلت، “أنا أحاول التواصل، أنا على خلاف، أنا عندى مشكلة تحتاج لحل، أنا أريد إيجاد حلولاً بديلة، فى هذه الحالة سيستريح ذهنك. فأنت لا تحتاجين لتعبئة كل أسلحتك من أجل دخول معركة.”
الآن ماهو سر الوصول لحياة زوجية أكثر سعادة؟ تقول د. حورية: “هى أن تفهما أن لكل منكما دائرته الخاصة به، وأن يعرف كل منكما ما يريده، ويعبر عن مشاعره ويطالب باحتياجاته.” إن تخيل العلاقة الزوجية كدائرة يساعد أيضاً على تقوية تلك العلاقة. تقول د. حورية: “فبدلاً من أن تسألى نفسك، “ما الذى سأقدمه لزوجى؟” قولى، “ما الذى سأقدمه للعلاقة الزوجية؟” لأن زوجك مسئول عن سعادته مثلما أنت مسئولة عن سعادتك.
تشمل مجموعتنا الواسعة من المقالات جهود أكثر من 20 عامًا من العمل وتغطي مجموعة واسعة من الموضوعات المتعلقة برعاية الأسرة والطفل. تم تطوير جميع مقالاتنا وتحديثها بمساعدة ودعم القادة في مجالات الطب والتغذية والأبوة والأمومة ، من بين أمور أخرى.