فريق عمل موقع عالم الأم والطفل:
بالرغم من أننا لا نتطرق عادة للأمور السياسية، إلا أننا قررنا نشر هذا الخطاب لسيدة فاضلة نعتز ونفتخر بها منذ عدة سنوات كأم ملهمة تعاونت معنا وشاركتنا تجاربها، وإمرأة فعالة تتسم بالقيم الإنسانية الرفيعة وحب العلم والعمل، وليس لأنها زوجة محافظ الاسكندرية الجديد …
الخطاب الكامل الذى نشرت منه الصحف بعض الأجزاء فقط:
انهضى أيتها العزيزة
إذا كان معرض القاهرة الدولي للكتاب 2015 قد احتفى بشخصية العام فاختار الأستاذ الإمام محمد عبده، فهذا يدل على السعى إلى إحياء مشروع تنويرى يعيد قيّم الفكر والعمل والجمال لمجتمع قد عانى لعقود من التخبط، بَهُتَ فيها رونق طباع شعبنا الكريم والمُتمثلة في العزيمة القوية، الجيرة، احترام الأخر، الصدق والشهامة وحسن النوايا وغيرها من القيم الوفيرة التى توارت بفعل اللهاث وراء قيم العولمة والاستهانة بالهوية المصرية الأصيلة الجميلة وإهدار قيمة المرآة ودورها الفعّال كبنية أساسية لمجتمع واعٍ ومُنْتِج فكريًا وإنسانيًا، ومع ذلك الإنزلاق فوجئنا بتفشى قيّم غريبة عن مجتمعنا حتى صار العنف والكذب والتحرش سمة تهدد شوارعنا.
والحمد لله ان تلك الظواهر دخيلة على مجتمعنا فهى ليست أصيلة وإلا ما كانت جامعة القاهرة قد شُيِدَت على وقف مُقَدَم من إمرأة، ولا تمتعت السيدة المصرية بحقها فى الإنتخاب قبل الغرب بسنين، ولا كان علم الذرة قد تطوّر على يد سميرة موسى، ولا قامت الجمعيات الأهلية التى تبنتها المصريات من سيدات المجتمع المصري في مطلع القرن العشرين مما بلور العمل التطوعى الذي صان الآلاف من المواطنين من مشاكل مثل اليتم، وضعف الصحة، وضيق اليد، فظهرت ملاجئ خيرية للأيتام، وجمعيات تحسين الصحة، وتعليم المهارات لكسب العيش، وغيرها العديد من الجمعيات التى أنشأت وازدهرت على يد وفكر المرأة المصرية التي أخذت على عاتقها تنمية العامل الإنسانى التطوعي. وبما أن المرأة، كما أشار قاسم أمين، هى الأساس الفكرى والتربوى للمجتمع لأن الأم هى التى تربى رجل المستقبل وتعلمه، كان في تدني مكانة المرأة تدنيًا لقيمة العلم ذاته فتلاشت الثوابت الأساسية لبناء المعرفة وهى التقصّى من الحقائق واستخدام أصول المنطق فى استخلاص النتائج العقلانية، وبالتالى تيسر تفشى الشائعات والفكر المغلوط وهى منظومات تدعم الهدم وليس البناء ولكن ليس عن عمد..
في الأيام الماضية تسنى لى مراقبة حالة مجتمعية لأفراد شغوفة ببلادها ومُحِبَة لوطنها، ولكن البعض وقع فريسة للشائعات حتى باتت المعلومات المغلوطة تُتَداول على نطاق واسع، والمشكلة هنا ليست فى النوايا وإنما فى الإنجراف وراء معلومات مغلوطة دون تمحيص، ثم تكبر المعلومة الخاطئة و تتبلور فتخدم نفس منظومة الهدم تلك دون وعى، وباتت الأسكندرية ومستقبلها وكآنها رهن القيل والقال فيما فعل المحافظ الجديد والسيدة حرمه. وبالتالى نهضت لتصحيح معلومة لمن يملي عليه ضميره التعامل بأسلوب علمى وصادق وسط بحور الأقاويل المُرسلة:
– حضرتٌ اجتماعاَ موسعاَ واحداَ فقط، خاص بتداول الأفكار لحل مشكلة القمامة وقد دُعِىَ له مواطنون من المهتمين بالمجتمع المدنى و لهم تجارب فى هذا المجال.
– لقاء صغير لتعريف مجموعة عمل مدنى تطوعى تعمل فى مجال إثراء الفكر والفنون وتعليم الحرف لمحدودى الدخل فى المناطق المهمشة بالقاهرة بالمحافظ للنظر فى إمكانية تطوعهم لخدمة الإسكندرية.
– التخاطب مع بعض الجمعيات الأهلية التى تعمل فى مجال النظافة و الثقافة من خلال العمل التطوعى للتعرف على نشاطها وخططها لتحفيز المجتمع المدنى على المشاركة فى تطوير المدينة.
– زرت بصفة شخصية وهذا واضح – وليس بالإنابة عن المحافظ – قصر ثقافة الشاطبى المفتوح لعامة الشعب للتعرف على نوعية النشاطات المقدمة وإمكانية تفاعل المجتمع المدنى معها.
– حضرت حفل تعارف واسع الحضور لمنظمات المجتمع المدنى مع سيادة المحافظ للتعرف على رؤيته ومنهجه لتفعيل دور المجتمع المدنى وإمكانية تفعيل منظومة يتعاون فيها من يرغب من المواطنين للتطوع لخدمة المدينة وإزدهارها. بعد إنتهاء الحفل مباشرة اتجه السيد المحافظ لزيارة المركز الإقليمي لصحة المرأة وكنت معه وانبهرت بباقة الخدمات المقدمة لتمكين المرأة صحيا ومعنويا ومهنيا.
– حوار مع شباب المتطوعين تحت مظلة مركز الدراسات البيئية لمكتبة الأسكندرية حول أهمية التوعية المجتمعية لطرق التخلص الآمن من القمامة.
– دُعيت بصفة شخصية لحضور حفل جمعية رجال الأعمال بالإسكندرية لأن برنامج الحفل تضمن تكريم لوالدى الدكتور نعيم أبو طالب وهو من مؤسسي الجمعية.
أنا عن نفسى مواطنة سكندرية حتى النخاع، تعلمتُ حب الوطن من والدى وكفاحه لمحاربة الفساد ونشر العلم والتنوير كأستاذ جامعى أنشأ أول قسم للكمبيوتر فى العالم العربى فى كلية هندسة الإسكندرية، ثم من خلال عمله كمحافظ للإسكندرية كان حريصاً على ازدهار الثقافة والفنون لانه كان مؤمناَ بحتمية تلاقى الفكر والجمال كمقومات أساسية للثراء الحضارى. توافقت أفكار والدى مع شخصية والدتى ابنة المفكر والأديب مصطفى صادق الرافعى فقامت بواجبها كمواطنة مصرية أولا وكزوجة محافظ ثانيًا فى تفعيل دور المجتمع المدنى لخدمة المدينة وكوَّنَت فرق عمل من المصريين وحتى الأجانب القاطنين بالإسكندرية حينها للتطوع فى مجالات النظافة والصحة العامة والتنسيق الحضارى. وقد اقتدت بأسرتي في حب العمل العام، وبحكم دراستى وعملى فى الولايات المتحدة لسنوات أردت أن أدمج نشأتي بما حصلتُ من علم فوجهت اهتمامى لدراسة تراثنا العربي الجميل وأعمل الآن بالتدريس فى قسم الحضارة العربية والإسلامية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وزاوجت بين عملي بالتدريس وبين العمل العام التطوعي، فمشاركتى فى جمعيات المجتمع المدنى المهتمة بالبيئة وأخرى مهتمة بالأطفال مرضى السرطان تمتد منذ سنوات عدة ، فأنا أرى ان من واجب المواطن تفعيل المنهج العلمى والعملى فى التطوع لخدمة هذا الوطن، ومن ثم هذه المدينة التاريخية التى لا يوجد مثيلٌ لها فى العالم كله.
فالإسكندرية منارة الثقافة فى العصر الرومانى بمكتبتها التى تهافت عليها العلماء الذين يدرس أولادُنا نظرياتهم إلى اليوم، وكانت عاصمة البلاد فى العصر القبطى التي قَّدَر عمرو بن العاص قيمتها الفكرية والمعمارية، وتوقيرا لأهلها أسس مدينته الجديدة فى الفسطاط على بعد أكثر من مائتي كيلو متر بعداً عنها، ثم أثراها علماء العرب بعلومهم و فنونهم الرفيعة وأسهموا في ازدهار العصر الذهبى للدولة العربية الإسلامية، هذه الإسكندرية التى نقطنها الآن، باتت تعانى على أيدينا مشاكل أساسية مثل القمامة والمرور، وهذه ليست مشاكل منظومة فقط وإنما مشاكل سلوك وثقافة يجب علينا كأفراد الانتباه إليه والعمل الفورى على تقويمه سوياً حتى تزول غمّة توغل الفساد واللامبالاة، وحتى نناهز عالم الفكر والحق والخير والجمال والنور، أي عالمنا الأصلى فنعود لهويتنا الطيبة المعطّاءة الواعية. هذه المدينة مدينتنا ولن تقوم إلا بنا ومعنا ويجب أن يكون لكل مُحب لهذه المدينة دور بنّاء وفعّال للنهوض بسكندريتنا العزيزة، فقد دقت ساعة العمل. فهيا بِنَا معا…
أميرة أبو طالب