الصداقة والشكوى
الصداقة والشكوى
لكل منا أفكاره، أفعاله، وردود أفعاله تجاه المواقف التى يقابلها فى حياته اليومية. أحياناً نشعر بالرضا عن أفعالنا وأحياناً أخرى نشعر أنه كان يجب أن نتصرف بشكل مختلف. أنا أقوم كثيراً بمراجعة أفعالى وأحاول أن أحسنها، كما أحاول أيضاً مراجعة واختيار كلماتى، وأجتهد دائماً لأحسن علاقاتى مع الناس، وذلك عن طريق ما أستلهمه من الآخرين أو مسترشدة بإيمانى وما تربيت عليه. وأحب أن أتحدث معكم فى هذا العدد عن درس علمته لى الحياة.
عندما تصر صديقة أو قريبة لك، على سبيل المثال، أن تشركك دائماً معها فى مشاكلها، هل تعطى لها ظهرك أحياناً؟ هل تتعبين أحياناً من كثرة الشكوى وتملين من نظرتها السلبية للأمور؟ أعتقد أنه بالنسبة للكثير منا، الإجابة نعم! وللأسف ما نفعله أحياناً أنه بدلاً من النظر إلى شكواها على أنها صرخة لطلب المساعدة ومنحها المساندة التى تحتاج إليها – والتى قد تكون فقط الرغبة فى الاستماع إليها عندما تحتاج لذلك – أحياناً كثيرة نبدأ فى الحكم عليها ونتوقف عن السؤال عنها أو الاتصال بها. ربما لشعورنا بالعجز عن قول أو فعل شئ، وربما لرغبتنا فى الهروب من إعطاء النصائح التى عادةً تلقى جانباً أو يتم استقبالها بنظرة تشاؤمية، وفى النهاية نتخلى عنها وربما نبدأ نحن أنفسنا فى الشكوى للآخرين من أن هذه الصديقة أو القريبة أصبحت كثيرة الشكوى، ولكن ما يجب أن نستوعبه جيداً أن أغلب الناس لا يشعرون أنهم كثيرى الشكوى. ولكن واقع الأمر، أننا عندما نتخلى عن صديقة تحتاج إلينا، أو لديها مشاكل ما ولا تستطيع التواؤم معها، يمكن أن تكون العواقب وخيمة، وساعتها سنبدأ فى التفكير فى أننا ربما قد ساهمنا بشكل أو بآخر فى إصابتها بالاكتئاب، أو أنه كان لنا يد فى التحول السلبى الذى حدث لها وقد يدمر حياتها. وقتها سنقول لأنفسنا، كان يمكن أن نفعل لها كذا أو كذا ونندم حيث قد لا ينفع الندم.
قد يكون سماعك لمشكلة صديقتك يشعرك ببعض الكآبة، وقد يكون شيئا مقلقاً لحياتك ومشاعرك أن تخرجى عن نظام حياتك من أجل شخص آخر، لكن عندما تفكرين فى أنه بإمكانك إحداث تأثير إيجابى فى حياتها بأن تحاولى إشعارها بالسعادة، حتى ولو قليلاً أعتقد أنك ستشعرين وقتها أن الأمر يستحق (لكن أثناء ذلك، اعتنى بنفسك وحاولى الاحتفاظ بنظرتك الإيجابية للأمور.)
كيف؟ حاولى جاهدة فهم الموقف والظروف الخاصة بها مع العلم بأن ذلك قد لا يحدث أبداً. فكرى لمدة 5 دقائق يومياً في المساعدة التى يمكن أن تقدميها لها. اتصلى بها، وإذا انتابك شعور بعدم رغبة في الاتصال لأنك لا تجدين ما تقولينه لها، قاومى هذا الشعور. اتصلى بها كثيراً، وقولى لها أنك تتصلين بها فقط للاطمئنان عليها واسأليها إن كانت في حاجة إلى شئ، فلو أرادت التحدث، فستفعل، وإذا لم ترد فلا بأس. على الأقل أنت بذلك أوصلت لها الإحساس بأنك موجودة حين ترغب هى في الكلام. إذا شعرت أن كثرة اتصالك لها قد يزعجها، أرسلى لها رسائل من خلال التليفون المحمول حتى تشعريها بوجودك. اسأليها عما يمكنك تقديمه لها، اعرضى مساعدات عملية لتخفيف الضغوط عنها إذا كانت هذه هى المشكلة – على سبيل المثال، القيام ببعض المشاوير بالنيابة عنها. استمعى لها ولا تنتقديها. ساعديها بأن تجعليها بطريق غير مباشر تفهم أن هناك أموراً يجب علينا تقبلها لأنه لا يمكن تغييرها، ولكن في نفس الوقت هناك العديد من الأمور الأخرى التى يكون لها فيها اختيار (لكن لا يجب أن تقومى أنت بالاختيار بالنيابة عنها.)
ساعديها فى معرفة أن كثرة الشكوى يمكن أن تتحول إلى عادة تتعس حياتها، وأن تغيير سلوكها هذا ونظرتها للجانب المضئ للموضوع، قد يحدثا فرقاً كبيراً فى حياتها (نعم! فهناك دائماً جانباً مضيئاً لكل شئ). فى هذه الحالة ستصبح حالتها أفضل وستتمكن من التفكير بشكل أوضح وإيجاد حلول أو بدائل، وبالتالى تستطيع أن تقوم بفعل شئ إيجابى بخصوص مشكلتها بدلاً من الحديث عنها فقط. ومع الوقت ستتمكن من قضاء كم الوقت الذى كانت تقضيه فى الشكوى فى عمل شئ مفيد، حيث أنها ستصبح أكثر إيجابية وستبدأ فى توجيه اهتماماتها بشكل صحيح مما يجعلها أكثر سعادة.
كما نشر فى “كلمة رئيسة تحرير”: عدد سبتمبر/أكتوبر ٢٠٠٣ من مجلة عالم الأم والطفل

رانيا بدرالدين هي مستشارة السعادة ، رائدة أعمال اجتماعية محنكة ومتحدثة تحفيزية ومتحمسة لمساعدة الناس على العيش بسعادة أكبر الأرواح. وهي أيضًا المؤسس والرئيس التنفيذي لـ The Family Hub ، المؤسسة الاجتماعية التي تقف وراء الأم & amp؛ Child وشبكة خبراء الأسرة ، وهي ذراع استشارية فنية. رانيا ممارس ماجستير في البرمجة اللغوية العصبية والتنويم المغناطيسي ، وممارس للعلاج بخط الزمن ، ومعلم معتمد للآباء والأمهات ، وأم فخورة بثلاثة أطفال.