الحياة الأسريةالحياة الزوجية

الزوج الخفى

 

3057818

الزوج الخفى

هذه الأيام، يقضى كثير من الأزواج أغلب وقتهم فى العمل أو خارج المنزل، ونحن نقدم لك بعض الاقتراحات يمكنك الاستعانة بها كى يبقى زوجك أطول فترة ممكنة!

تقول منى: أنا أشك أن زوجى على علاقة بامرأة أخرى، فعندما يخرج من عمله، لا يعود إلى البيت إلا بعدها بساعات، وقد سألته مراراً، فكان يتجاهل سؤالى أحياناً، وأحياناً يقول لى أنه لا يوجد ما يدعو للقلق، وأننى مصابة بمرض الشك. ما يشغل منى هذه الأيام هو سلوك زوجها، فهو يأتى إلى البيت متأخراً، ودائماً يكون متعباً وعصبياً، كما أنه يتجنب الحوار معها، ويقضى إجازاته الأسبوعية إما نائماً على الكنبة أمام التليفزيون، أو فى غرفتها وحيداً بعد أن يغلق الباب عليه.
تقول هالة: أتمنى أن يقضى معى زوجى وقتاً أكثر، ولكنه يقول دائماً لى أنه يبنى مستقبلاً لنا ولأبنائنا، وحتى أنه ربما يتقاعد مبكراً. لكنى فى الحقيقة لا أرى سبباً يجعله يعمل كثيراً بهذا الشكل، حتى أثناء الإجازات الأسبوعية. أنا أيضاَ أعمل ولكنى أفتقد وجوده معى، وأحياناً أشك فى الأمر شىء.
ليلى، زوجة أخرى تعبر عن شعور امرأة متزوجة لزوج غير متواجد باستمرار، فهى تشعر بالإهمال، والتجاهل، والاستخفاف، وتقول: لا أعتقد أن زوجى على علاقة بامرأة أخرى، ولكن كل ما فى الأمر أننى لا أفهم سبب عدم اهتمامه بالأولاد أو بى، ولماذا يبدو أكثر استمتاعاً فى المكتب أو بخروجه مع أصدقائه بدلاً من عمل أى شىء معنا، حتى ولو كان البقاء فى المنزل.
المشكلة هنا ليست مشكلة البقاء أو خروج الزوج، ولكن نوعية العلاقة بين الزوجين، وكم الجهد الذى تشعر به الزوجة من زوجها من أجل تلك العلاقة. هؤلاء الزوجات مهمومات لأنهن قد ارتبطن برجال معينين وفى ظنهم أنهن سيتمتعن بحياة زوجية سعيدة، ولكن لم تتحقق توقعاتهن.
إن الخلافات فى أى علاقة هى شىء وارد، لأنه لا يوجد اثنين متطابقين تماماً فى القيم، والاهتمامات، والأساليب. كذلك فهناك العديد من الأسباب التى قد يختلف حولها الزوج والزوجة فيما يخص كم الوقت الذى يجب أن يقضيه الزوج فى البيت. لكن أياً كانت الحالة، سواء لربة بيت لديها وقت فراغ كبير وتفتقد وجود زوجها فى البيت، أو لرجل يشعر بسعادة أكثر وهو خارج المنزل، أو لزوج مدمن لعمله، أو حتى لزوج خائن، فى النهاية هناك حلول أساسية واحدة.
ننصح الزوجين بأن يلقوا نظرة أكثر قرباً لكيفية إدارة العلاقة بينهما، ولا يركزوا فقط على نقاط الخلاف بينهما، فقد يكون هناك بعض الأشياء المهمة المفقودة فى علاقتهما، أو بعض القضايا الحيوية التى لم يتم التعامل معها بشكل سليم. بما أنه لابد لوجود اثنين لإقامة أى علاقة، فلابد من الجهد الفردى من جانب كل طرف. الثقة، والإخلاص، والصدق كلها عوامل ضرورية لضمان نجاح أى علاقة، وتلك العوامل تبنى بشكل أساسى على التواصل الفعال بين الطرفين.
كثير من الأزواج يقعون فى خطأ كبير، وهو البدء بشكوى الواحد منهم للآخر، بدلاً من محاولة إقامة مناقشة بناءة من الممكن أن تحل عن طريقها المشكلة. فالشكوى هى وسيلة غير مباشرة للتعامل مع الغضب، فتلجئين للشكوى لحل المشكلة، بدلاً من أن تبلغى الطرف الآخر أنك غاضبة وتريدين مناقشة المشكلة من أجل التفاوض لإيجاد حل. إن الشكوى عادة لا تصل إلى أى شىء إيجابى.
من هذا المنطلق، يجب ألا تشيرى بأصابع الاتهام لزوجك لأنه غير متواجد فى البيت باستمرار. بدلاً من ذلك، حاولى أن تجدى وسيلة للتواصل معه تضمن لك أنه سيستمع إليك. الحديث عن الحاضر سيؤدى إلى مناقشة مثمرة أكثر، أما الحديث عن الماضى أو التنبؤ بالمستقبل قد يصرفك عن الموضوع الأساسى، فتجنبى قول: “كان الحال دائماً هكذا. نحن لا نقضى وقتاً معاً أبداً كأسرة واحدة”. أو قول: “إذا استمررت بهذا الشكل، فحتماً ستنتهى علاقتنا الزوجية”.
لا تخفى مشاعرك الحقيقية عندما تتحدثين، فمثلاً لا تقولى: “لابد وأن تبقى فى البيت وقتاً أطول” فى الوقت الذى تعنين فيه: “أنا غاضبة، وأشعر بالوحدة والتجاهل.” إن تعلم التواصل السليم المبنى على الصدق وعدم العدوانية، وعدم إصدار الأحكام يتطلب شجاعة وتمرين، وهى مهارة ضرورية لحياة سوية عاطفياً، كما تظهر احترامك لنفسك وللآخرين.
الاستماع أيضاً فن، فغالباً ما يحب كل إنسان أن يتكلم ويستمع إليه، لكن فى العلاقات الزوجية، لا يقل الاستماع للطرف الآخر أهمية عن فهم مشاكله، ومعرفة ما يحتاجه أو ما يريد قوله.
على سبيل المثال، كريم دائماً ما يتعجب من ردود أفعال زوجته تجاه ما يعتقد أنها رموز لحبه لها ، مثل مفاجأتها بصحبة ورد، أو الترتيب لسفر فى الإجازة الأسبوعية. وأحياناً أقوم بأشياء أخرى لأثبت لها حبى لكن يبدو أنها تريدنى أن أكون موجوداً بنفسى كدليل على حبى لها. حقيقة، فأنا لم أعد أعلم ما الذى تريده. “القضية ليست ما يفعل أو ما لايفعل كريم، ولكن القضية هى، هل يعطى زوجته ما يناسبها أو ما تريده؟ أحياناً قد يخيب فى النهاية أمل الزوج لأن ما يقوم به للتعبير عن حبه لا يقابله تقدير من زوجته، ولكن يكمن الحل فى إكتشاف ما تريده زوجته وما تتوقعه، بدلاً من تخمين ما سيسرها، ولتحقيق ذلك، يجب على الزوجين مناقشة إحتياجاتهما بصراحة.
عندما لا يقضى الزوج وقتاً كافياُ فى البيت مع زوجته وأبنائه، فقد يكون ذلك إشارة لوجود مشكلة كبيرة بين الزوجين، أما كون المشكلة قابلة أو غير قابلة للحل، فهذا يرجع إلى مدى خطورة المشكلة. كما يرجع أيضاً إلى نوعية المشكلة. أن الكثير من المواضيع يمكن أن تحل، إن المشاكل القابلة للحل هى تلك المتعلقة بإختلاف طريقة تفكير الزوجين تجاه الأشياء المختلفة مثل النقود، العمل، تربية الأولاد، العائلات، السياسة، ووسائل الترفيه. الناس الذين يتمتعون بعلاقات جيدة يعلمون كيف يتصرفون حيال هذه المشاكل، ببساطة فهم يتفاوضون. هذا يتطلب تحديداً واضحاً للاختلافات الموجودة بينهم، ووجود النية لتنازل كل منهم من أجل الآخر، والقدرة على استماع وتقبل قيم الآخر، وكذلك القدرة على الإحاطة بالمشكلة لإيجاد الحل المناسب لها. قد يصل الطرفان إلى إيجاد حل ليس مثالياً بالنسبة لكليهما، ولكنه مقبول للإثنين.
‘ن الزوجين اللذين يعانيان من مشاكل يلجآن لحلها بطريقة مختلفة، فهما فى الحقيقة لا يحددان الاختلافات الموجودة بينهما. عندما يتحدثون عن المشكلة، غالباً ما يكون أسلوبهما عنيداً مثل “وجهة نظرى هى السليمة، لأنها أفضل من وجهة نظرك.” ودائماً ما يقللان من وجهة نظر بعضهما البعض/ بوصفها بأنها تافهة أو ناقصة بشكل أو بآخر، كما أنهم لا يكون لديهم الاستعداد للتنازل أو الوصول لأى اتفاق قد يكون مقبولاً للطرفين.
قد تم الطلاق بين عمر وزوجته منذ عدة سنوات وكان ذلك بعد خمس سنوات من الزواج. يقول عمر أن أحد الأسباب الرئيسية للطلاق كانت شكوى زوجته المستمرة بخصوص عادات خروجه. كانت تريد إما أن تخرج معه، لكن بشروطها هى (كانت هى التى تختار أين يذهبان وماذا يفعلان)، أو أن يبقى فى المنزل. فى رأى عمر كانت زوجته تريد فقط شيئاً تتطلع إليه أو شيئاً يسليها. أما بالنسبة له فكلما كان يزداد بكاؤها وصراخها، كلما كانت تزداد رغبته فى ترك البيت، إذ أنه كان لا يرى داعياً للبقاء فى مثل ذلك الجو. يقول عمر أنه يتمنى لو أن زوجته “كانت قد تعاملت معه بشكل مختلف، أو تنازلت عن بعض رغباتها لتناسب رغباته أو على الأقل قامت بعمل أشياء بمفردها. كان من الممكن أن يكون الحال أفضل لو أن عمر وزوجته تحدثا بوضوح وصراحة أكثر عن احتياجات كل منهما. واتفقا على حل وسط، وبالطبع كان من الأفضل أن تخلق زوجته جواً مريحاً فى البيت يرغبه فى الرجوع اليه.
يجب أن يتحدث الناس بهدوء واحترام عندما يكونون على خلاف، كما يجب أن يؤثر كل واحد منهم الآخر على نفسه، الإيثار هو الشعور بأن رضا الشخص الآخر قد يكون أهم من رضائك أنت، دون التنازل فعلياً عن احتياجاتك، كما أنه من المهم أيضاً تقبل كل شخص وجوه الضعف عند الآخر. هذا الاحترام المتبادل والقبول يمكن أن يؤدى إلى السكينة فى العلاقة الزوجية والرغبة فى الاستمتاع سوياً، وفى هذه الحالة من سيرغب فى ترك بيته وأسرته؟

Facebook Comments

عالم الأم و الطفل

تشمل مجموعتنا الواسعة من المقالات جهود أكثر من 20 عامًا من العمل وتغطي مجموعة واسعة من الموضوعات المتعلقة برعاية الأسرة والطفل. تم تطوير جميع مقالاتنا وتحديثها بمساعدة ودعم القادة في مجالات الطب والتغذية والأبوة والأمومة ، من بين أمور أخرى.

زر الذهاب إلى الأعلى