قيم وعلاقات أسرية

الآخر

 
الآخر

يقول أحد الأدباء: “نحن لا نرى الأشياء على حقيقتها ولكن نراها من منظورنا نحن”

هذه المقولة لفتت نظرى عندما قرأتها منذ بضع سنوات، ومنذ قرأتها آمنت بمعناها، فنحن لا نرى الأشياء بنفس الوضوح الذى يجب أن نراها به لأن وجهات نظرنا وتوقعاتنا ومفاهيمنا عما هو صواب وما هو خطأ كل ذلك يحجب عن عيوننا رؤية الأشياء كما هى بالفعل. فكل شئ نراه نترجمه بناء على هذه المفاهيم، وقد لا تعد هذه مشكلة إلا أننا نعطى لأنفسنا الحق فى الحكم على الآخرين وانتقادهم لمجرد أن مفاهيمهم مختلفة عنا.

هناك مهارة اتمنى أن نكتسبها جميعاً وهى محاولة وضع أنفسنا فى مكان الشخص الذى نكون على وشك لومه أو انتقاده ونتخيل أننا بالفعل هذا الشخص. من لا يتسم بهذه المهارة يكون من السهل عليه انتقاد الآخرين ولومهم دون محاولة فهمهم بشكل محايد. أنا أؤمن جداً بأهمية هذه المهارة، وعلى الرغم من صعوبة وضع أنفسنا فى مكان الآخرين إلا أن ذلك سيساعدنا على تفهم موقف الآخرين ودوافعهم. شيئاً فشيئاً نستطيع تنيمة هذه المهارة وأعتقد أنه سيكون لها تأثير إيجابى على علاقتنا بالآخرين ومنظورنا لهم. عندما أجد نفسى فى بعض الأحيان على وشك انتقاد شخص آخر فى طريقة لبسه على سبيل المثال، أذكر نفسى فى الحال بأنه ليس لى الحق فى ذلك. أحياناً أخرى قد أشعر بالغضب عندما أظن أن إحدى صديقاتى قد تجاهلت الرد على مكالمتى أو عندما تتصرف بشكل لا أفهمه ولكننى أعود وأراجع نفسى وأقول أننى يجب أن أعطيها العذر ولا أفترض سوء نيتها.

للأسف إن طبيعتنا البشرية تجعلنا نميل دائماً لسوء الظن بالآخرين لمجرد أنهم مختلفون عنا أو لا يسلكون نفس سلوكنا. أحياناً قد تتمادين وتتحدثين مع ناس آخرين عن هذا الشخص الذى تنتقديه، لكن يجب أن تضعى فى اعتبارك عدة أمور: 1.ليس بالضرورة أن يكون كل الناس مثلك. 2. غالباً ما تكون هناك ظروف لا تعرفينها فلا تفترضى أى شئ. 3. قد يفتقد هذا الشخص الذى تنتقدينه إلى الخبرة أو ربما يكون قد أخطأ مثلما نخطئ جميعاً أحياناً. 4. إذا اعتمدت على استنتاجاتك الشخصية، فلن تستطيعى أبداً فهم الآخرين، فبدلاً من ذلك تحدثى معهم.

دعونا نعترف، كل منا يعجبه شخصيته، أسلوبه، وطريقة تفكيره ويقوم بالحكم على الآخرين بناء على اختلافهم عنه. لكن لكل إنسان معتقداته، أسلوبه، وطريقة تفكيره التى يرتاح لها ويجب أن يحترم لذاته هو. ليس من شأننا أن نحكم على الآخرين، ودعونا نترك ذلك لله ودعونا نتذكر دائماً أن لكل إنسان علاقته الخاصة بالله سبحانه وتعالى. إذا كنت تريدين حقاً ان يكون لك دور إيجابى فى الحياة، يمكنك أن تفعلى ذلك بأن تكونى قدوة جيدة للآخرين ولكن ليس بالحكم عليهم أو انتقادهم.

فى المرة القادمة عندما تجدين نفسك على وشك أن تنتقدى أحداً أو تظنى فيه ظناً سيئاً، امنعى نفسك، وافترضى أنك قد تكونى أنت ذلك الشخص، ففى الواقع أن كل منا قد يكون هذا الشخص من وجهة نظر شخص آخر. فسيجد دائماً الناس فينا عيوباً أو أخطاء نفعلها ينتقدوننا من أجلها، فمن المستحيل أن يرضى كل الناس عن كل شئ فينا. من وجهة نظرى: إذا كنت لا تريدين أن يتحدث عنك أحد فلا يجب أن تتحدثى أنت عن أحد، والخطوة التالية هى أن تتدربى على منع نفسك حتى من مجرد التفكير السئ  بأحد.

كما نشر فى “كلمة رئيسة التحرير”: عدد مايو/يونيو ٢٠٠٣ من مجلة عالم الأم والطفل

Facebook Comments

رانية بدر الدين

رانيا بدرالدين هي مستشارة السعادة ، رائدة أعمال اجتماعية محنكة ومتحدثة تحفيزية ومتحمسة لمساعدة الناس على العيش بسعادة أكبر الأرواح. وهي أيضًا المؤسس والرئيس التنفيذي لـ The Family Hub ، المؤسسة الاجتماعية التي تقف وراء الأم & amp؛ Child وشبكة خبراء الأسرة ، وهي ذراع استشارية فنية. رانيا ممارس ماجستير في البرمجة اللغوية العصبية والتنويم المغناطيسي ، وممارس للعلاج بخط الزمن ، ومعلم معتمد للآباء والأمهات ، وأم فخورة بثلاثة أطفال.

زر الذهاب إلى الأعلى