ابقى هادئة أثناء تهذيبك لطفلك!
ابقى هادئة أثناء تهذيبك لطفلك!
من أهم الأمور التى تشغل الآباء هى كيف يجعلون أطفالهم يحسنون السلوك، أو على الأقل يتوقفون عن السلوكيات الغير سليمة. إن وجهة نظر الأبوين فى تنشأة الطفل، تربيته، وتهذيبه هى التى تشكل أسلوبهما فى التعامل مع السلوك السئ له. هناك عامل آخر وهو العلاقة الموجودة بالفعل بين الطفل وأبويه لأن هذه العلاقة هى التى توضح الحدود ومن المتحكم فى الأمور. بشكل عام، فإن الأطفال يتعلمون مما يرونه أكثر مما يسمعونه وبالتالى فهم يعتبرون أمهاتهم وآبائهم بمثابة المثل الذى يحتذون به ويقلدونه. إذن أنت كأم أو أنت كأب يكون اتباعكما للسلوك الذى تتمنيان لطفلكما اتباعه هو الوسيلة الأكثر فاعلية بدلاً من عقابه على السلوك السئ الذى ربما يكون قد اكتسبه منكما أو من أى شخص آخر. من أفضل الطرق لحمل الطفل على التعاون والتوقف عن السلوك السئ هى التعامل مع الموقف بهدوء دون صراخ أو تهديد.
يقول د. تامر جويلى – مدرس الطب النفسى بجامعة القاهرة: “إن الأطفال يستخدمون سلوكيات معينة للحصول على مكاسب أو منافع لأنفسهم، ويكررون تلك السلوكيات سواء لجذب الانتباه، أو للتعبير عن غضبهم من آبائهم (وهو ما لا يستطيعون التعبير عنه بشكل مباشر)، أو لمحاولة الحصول على شئ يريدونه بإغراء آبائهم للاستستلام، أو قد يكون للتعبير عن مشكلة ما بداخلهم.” يوضح د. تامر أيضاً أن لكل طفل شكل خاص فى التعبير عن نفسه، وعلى كل أم وأب محاولة التعرف على الشكل الذى يتبعه طفلهما فى أغلب الأحيان للتعبير عن نفسه. على سبيل المثال، هل يحاول أن يجعل أمه أو أباه يشعران بالذنب، أو يحاول استفزازهما للاستجابة إلى ما يريد. فى كل الأحوال يقول د. تامر أن أفضل طريقة ممكنة للتعامل مع السلوك السئ للطفل هو أن يتجنب الأبوان التصرف باندفاع أو عصبية. بدلاً من عقاب الطفل، يجب على الأم أو الأب أن يوضحا له لماذا يعتبر سلوكه سئ وفى نفس الوقت يوضحان له السلوكيات البديلة الجيدة. هذا الأسلوب يأتى بنتائج أفضل لأنه يظهر تحكم الأم والأب فى الموقف بتوضيحهما للأسباب وليس باستخدامهما للقوة. إذا لم يكن لدى الأبوين هذه المقدرة على التعقل مع طفلهما، ويقومان دائماً بالاعتراض على سلوكه – السئ – فستكون النتيجة النهائية أن الطفل سيفهم أن كلمة “لا” تقال له دائماً للتحكم فيه، وسيظن الطفل أن هذا السلوك السئ خطأ فقط لأنه لا يناسب الأبوين ليس لأنه يجرح الآخرين أو يضره هو. كيف إذن يتعامل الأب أو الأم بهدوء مع الموقف عندما يسئ طفلهما التصرف؟ إليك 4 مواقف شائعة تثير الخلاف بين الأبوين والطفل، وبعض الاقتراحات للتعامل مع هذه المواقف.
الزن الزائد عن الحد
يقول د. تامر: “الزن الزائد عن الحد مع البكاء هو شكل من أشكال العدوانية حيث يظهر الطفل لكما أنه قادر على إيذائكما أو إغضابكما بهذه الطريقة، أو يمكنه استفزازكما للاستسلام لما يريده.” إن أفضل طريقة للتعامل مع هذا “الزن” هى تجاهله تماماً، وعندما يتوقف الطفل عن “الزن” ويتصرف بشكل ألطف يمكن لأبويه أن يكافآه ليوضحا له أن ذلك سلوك جيد. مع الوقت سيتعلم الطفل أن هذا الشكل من السلوك السئ لن يوصله لهدفه وأن أبويه لن يستسلما لرغباته حتى لو استمر فى “الزن”، وسيفهم أن هناك طريقة بديلة تجعله يحصل على ما يريد. إن “الثبات” هو الحل فى هذه الحالة، فلا يجب أن يعامل الطفل بطرق مختلفة من قبل أبويه عند تعاملهما مع موقف مثل “الزن” الزائد. حتى لو لم يتفق الأبوان معاً على الأسلوب الذى يتعاملان به مع الطفل فى موقف مثل هذا إلا أنهما يجب أن يكونا ثابتين على نفس الرأى أمام الطفل وإلا قد يلجأ الطفل لتكرار نفس السلوك السئ علّ أحد الأبوين يوافقه على ما يريد.
الشجار بين الأخوة
سيتشاجر الأطفال دائماً، فهى سمة طبيعية فى نموهم وطريقة لمعرفة حدودهم. عندما يغضب الأطفال، أو يحزنون، سيتشاجرون أو يضربون بعضهم بعضاً. واجب الآباء حينئذ أن يعلموهم أن يتوافقوا ويتعاملوا مع الخلافات بطريقة مقبولة اجتماعياً. مبدئياً، يجب على الأبوين فى هذا الموقف أن يضعا قواعداً بدلاً من التحيز لأحد الطرفين. من المهم جداً عدم التحيز. كما يقول د. تامر: “عندما يتشاجر أخوان، فغالباً يكون أحدهما مخطئاً، وعندما تصرخان فى الاثنين فأنتما تؤكدان أنكما غير عادلين لأن الأخ المخطئ سيفلت بما فعل، من الأسلم كذلك عدم الافتراض دائماً بأن الأخ الذى يضرب هو المخطئ لأنه ربما يكون قد استفز بشدة من أخيه.” بدلاً من ذلك ضعا قواعداً وامنحا حلولاً بديلة للشجار. على سبيل المثال، إذا كان الطفلان يتشاجران بخصوص مشاهدة التليفزيون، يمكن للأبوين التصرف كالآتى:
1- أن يأخذ كل طفل دور فى اختيار البرنامج الذى يريد مشاهدته.
2- تحديد مدة محددة لكل طفل ليشاهد ما يريد.
3- إذا لم يطلب الأخ من أخيه دوره بطريقة مهذبة، يخسر دوره.
تجاهل الطلبات
يقول د. تامر: “هذا أسلوب عدوانى مستكن لأن الطفل لا يقول “لا” ولكنه فى نفس الوقت لا يفعل ما يطلبه منه أبواه. إن أفضل طريقة للتعامل مع هذا السلوك هو أن تظهرا للطفل أن سلوكه هذا لن يوصله إلى شئ. مع هذه العدوانية المستكنة على عكس العدوانية الفعلية مثل “الزن” الزائد عن الحد، يكون الحل فى استخدام طرق بديلة. فيمكن للأبوين أن يبدلا أسلوبهما مع الطفل من السماح له بفعل ما يريده وتحمل مسئولية أفعاله إلى أسلوب المكافأة والعقاب المباشر والفورى. السبب فى هذا التبديل هو ألا يتحايل الطفل على الأسلوب الذى عرفه وفهمه جيداً. على سبيل المثال، إذا لم يقم الطفل بعمل واجباته المدرسية، يمكن للأبوين تجاهل الأمر وتركه يتحمل عاقبة ذلك فى المدرسة، فعندما تغضب منه مدرسته أو تعرضه للعقاب، سيفهم الطفل معنى تحمل نتيجة عدم قيامه بعمل الواجب المدرسى وسيعيد التفكير مرة أخرى فيما فعل.
استخدام عبارة “ده ظلم”
يقول د. تامر: “الطفل يريد أن تلبى احتياجاته فى الحال، فهو لا يستطيع تأجيل متعته أو احتياجاته، وسيفعل كل ما يستطيع لكى يشبع هذه الاحتياجات فى الحال، وإذا لم يحصل على ما يريد يشعر أن أبويه غير عادلين.” بقول “ده ظلم” يحاول الطفل أن يجعل أبويه يشعران بالذنب، بالإضافة إلى إشعارهما بالشك فى أنفسهما وفى كيفية التعامل مع احتياجاته. يضيف د. تامر قائلاً: “يجب على الأبوين أن يفهما أنه فى مثل هذه الأحوال، من وجهة نظر الطفل لن يشعر بالعدل، فيجب ألا يشعرا بالضيق أو يحاولا الدفاع عن أنفسهما أمامه.”
عند التعامل مع مثل هذه المواقف يقترح د. تامر أن يتبع الأبوان أسلوب المكافأة حتى يفهم الطفل أنه عندما يطلب الأشياء بطريقة مهذبة دون محاولة إشعار أبويه بأنهما ليسا عادلين، فسوف يستمعان له وسوف يكافأ بالحصول على ما يريد – إذا كان ما يريده أمراً مقبولاً. يقترح د. تامر قائلاً: “فكرة جيدة لتنفيذ ذلك هو الربط بين طلب الطفل وواجب يقوم به. يمكن على سبيل المثال، أن يسمح الأبوان للطفل بتناول غذاءه أثناء مشاهدة التليفزيون إذا قام بتعليق ملابسه.” إن هذا يعلم الطفل أن هناك كم معين من الواجب أو المسئولية يقابل ما يطلبه. فى نفس الوقت فهو أسلوب مكافأة ملموس بالنسبة للطفل، فالأطفال فى السن الصغير يتعرفون أكثر على الأشياء الملموسة أكثر من الأشياء الغير ملموسة، بمعنى أنهم عندما يرون أو يتلقون شيئاً فعلياً فهذا يؤثر فيهم أكثر وفى الحال.
باختصار إن أفضل طريقة لحمل الطفل على التعاون والتصرف بشكل سليم هو التعامل معه بهدوء وباحترام. من الضرورى معاملة الطفل ككائن مستقل بذاته، وإدراك أنه كائن له حقوق ومشاعر وأنه من خلال سلوكه يحاول توصيل شئ معين إلى أبويه. إذا تعامل الأبوان مع هذه المواقف بهدوء بدلاً من الاندفاع، عادةً ما سيبدأ طفلهما فى التصرف بشكل سليم مرة أخرى وبالتالى سيصبح الأبوان أكثر هدوءاً.
تشمل مجموعتنا الواسعة من المقالات جهود أكثر من 20 عامًا من العمل وتغطي مجموعة واسعة من الموضوعات المتعلقة برعاية الأسرة والطفل. تم تطوير جميع مقالاتنا وتحديثها بمساعدة ودعم القادة في مجالات الطب والتغذية والأبوة والأمومة ، من بين أمور أخرى.